العلامة الطالب أحمد جدو بن المختار القلاوي البكري
(1113-1184هـ)
أخذ العلم في بداية مشواره التعليمي عن جده وأعمامه وعن علماء قصر السلام المتوافرين آن ذاك، ثم يمم وجهه شطر مدينة تيشيت حيث مكان جده لأمه عالم بلاد التكرور: العلامة الحاج الحسن بن آغبد الزيدي التشيتي(ت:1123هـ) وابنه العالم سيدي محمد بن الحاج الحسن بن آغبد الزيدي (1159هـ) الذي انتقل إلى ولاته. فنهل الطالب أحمد جدو مرة أخرى من علم أهل تيشيت وولاته، ولم نقف حتى الآن على أسماء مشايخه هناك؛ لنقص التدوين في البلاد عموما، وضياع الكثير من تراثها، غير أننا نعتقد أن خاله سيدي محمد بن الحاج الحسن الذي كان آن ذاك على رأس حلقة أبيه، هو الذي لازمه الطالب أحمد جدو وقرأ عليه. وكذلك ابن خالة الطالب أحمد جدو: سيدي محمد بن أيچل الزيدي(ت:1171هـ).
لم يلبث الطالب أحمد جدو كثيرا بعد هذه الدراسة في البلد حيث توجه إلى المشرق حاجا في رحلة طويلة، استمرت زهاء الثلاثين سنة، قادته إلى بلاد الحرمين الشريفين، وبعض البلاد الاسلامية الأخرى، ومنها بلاد مصر الكنانة، حيث الأزهر الشريف درس في رواقه المالكي سنين عديدة، وترك فيه بعض الآثار العلمية خلال مقامه هناك.
وبعد هذه الرحلة المباركة الطويلة رجع إلى بلاده رجوعا كان له وقعه الخاص في النفوس، حتى ضرب به المثل في مجيء الخير وعموم نفع الخلق، وكان ذلك بمكان اسمه وكوص بـمنطقة: (ارگيبه)، حيث تسلم زمام أمور القبيلة والقيادة التي كان جده الطالب المصطفى القلاوي قد خصه بها من بين ما قسم على بنيه وأحفاده من المراتب المعنوية فأعطاه حفيده الطالب جدو قيادة (الحِلَة)، فهو الوارث لقيادة الطالب المصطفى السياسية والروحية.
كان الطالب أحمد جدو شديد الورع كثير العبادة شديد الخوف من الله تعالى، ذكر تلميذه سيدي محمود الحاجي (ت:1200هـ) أنه لم تعص الله تعالى جارحة من جوارحه، وكان فارا بدينه من الفتن - كما وصفه صاحب فتح الشكور- ابتلي بالرئاسة مثل جده فلم تشغله عن العبادة وطاع الله تعالى، وكان شديد التمسك بالسنة، يخشى البدعة في الدين ويذمها، متمسكا بالأصول يحرر النوازل على منوالها، ويراعي مقاصد الشرع من وضع الشريعة. وضع الله له القبول وحبل على حبه النفوس، فهوت إليه الأفئدة، واجتمع عليه الناس في خلق كثير عرف بحِلة أهل الطالب جدو، تتكون مما يقارب العشرين فخذا من مختلف الفئات الاجتماعية، فسار بهم بسيرة أبيه في التربية والسلوك والتعليم، فكان لهم فضل كبير على بني عمومتهم في القبائل الأخرى.
قضى الطالب أحمد جدو الكثير من عمره في الرحلات العلمية والحج، الأمر الذي كان له تأثير على مستوى العطاء العلمي المحلي تدريسا وافتاء وتأليفا، ومع ذلك، فقد حفظت لنا بعض المخطوطات نزرا قليلا من فتاويه التي أفلتت من يد الضياع، وسلمت من عاديات الزمان، ومنها ما جاء في كتاب: "العمل المشكور في جمع فتاوى التكرور" للعالم: المصطفى بن سيدي أحمد ابن عثمان القلاوي.
ومنها سؤال عن شرب الدخان (طابه) نازلة ذلك العصر. كما ترك بعض المؤلفات، منها: عقائده المشهورة، التي شرحها: العلامة الطالب أحمد بن اطوير الجنة الحاجي الوداني، صاحب الرحلة والتاريخ(ت: 1265هـ)، ومنها شرح على الأخضري. وغير ذلك من التقييدات في العلوم والآداب الأخرى.
ولا شك أن أهم أثر علمي تركه العلامة الطالب أحمد جدو بعد رحيله هو العلم الذي أودعه صدور جهابذة العلماء من مشايخ الشيوخ، وأعلام الرسوخ من أهل التحقيق والعلم، كالعلامة: المرابط الرئيس، سيدي محمود بن الطالب المختار الحاجي الأوتيدي الذي لازمه وانتفع به كما نقل صاحب "فتح الشكور"، وكذلك عالم الضبط والتحقيق: سيدي مالك بن الحاج المختار الشنقيطي القلاوي (ت: 1201هـ)، المدفون مع شيخه في أگمون في منطقة ارگيبه. تزوج الطالب أحمد جدو، وأنجب من ثلاث نسوة، فأعقب ثلاثة من الولد هم:
1. سيدي إبراهيم الصوفي بن الطالب أحمد جدو.
2. سيدي أبو بكر بن الطالب أحمد جدو.
3. حمادي بن الطالب أحمد جدو. ولكل منهم عقب يعرفون اليوم بأهل (آل) الطالب أحمد جدو ضمن تجمع قبلي أوسع يسمى: أهل الطالب جدو.
رحم الله العالم العلامة الرئيس الورع: الطالب أحمد جدو بن المختار(الطالب جده)، وجمعنا به في ظل عرشه.
أنظر لترجمة:
- فتح الشكور في معرفة أعيان علماء التكرور. الطالب محمد بن أبي بكر الصديق البرتلي.
- منح الرب الغفور في ذكر ما أهمله صاحب فتح الشكور. أبو بكر بن أحمد المصطفى.
- موسوعة المختار ولد حامد ( الجغرافية، والثقافية، وجزء لقلال منها).
- موريتانيا عبر العصور. اسلم بن محمد اهادي. اجلالي.
- تراجم أبرز علماء شنقيط. عبد الله ولد المصطفى.
:
التراجم